صناعة الجدل على حساب الحقيقة
2025/03/06
منتصر صباح آل شمخي الحسناوي
الممنوع المرغوب "مسلسل معاوية "مثالاً .
بداية لكل عمل يكون هناك هدف، وفي عالم الإنتاج الدرامي لا نتوقع ان الهدف الأساسي هو تقديم محتوى يعكس الحقيقة التاريخية بموضوعية بقدر ان يكون هناك ربحية مستفادة من الانتاج له .
عليه تكون الإثارة الفنية والجدل بمضمونه وسيلتين اساسية لتحقيق أعلى نسب مشاهدة وأكبر قدر من الأرباح.
ولعل المسلسلات التي تتناول شخصيات تاريخية مثيرة للجدل هي خير مثال على ذلك، إذ يسعى المنتجون لاستغلال الانقسام في الرؤى حول هذه الشخصيات لتحقيق ربحية إنتاجية هائلة، بغض النظر عن مدى دقة المحتوى أو تأثيره على الجمهور.
المشكلة لا تكمن في تقديم هذه الشخصيات بحد ذاتها، وإنما في الطريقة التي تُعرض بها و تكييف الأحداث وفقاً لرؤية درامية تخدم أهدافاً تجارية أكثر من كونها محاولة لنقل التاريخ بموضوعية.
في ظل ذلك يقع المشاهد في فخ التعامل مع هذه الأعمال وكأنها شهادات تاريخية "مُوثوقة" بينما هي في الواقع انعكاس لرؤية صناعها وأجنداتهم الخاصة.
الأخطر من ذلك أن هذه المسلسلات قد تعيد إحياء نزاعات فكرية وصراعات قديمة في مجتمعات هي آخر ما تحتاج إلى مزيد من الانقسامات، فالجدل حولها لا يبقى محصوراً في الإطار الفني، بل يتجاوز ذلك إلى نقاشات محتدمة تثير حساسيات تاريخية ودينية وهو ما يعزز الانقسام بدلاً من أن يسهم في تعزيز الوعي التاريخي.
المسؤولية مشتركة بين المنتجين الذين يسعون وراء الربح، والجمهور الذي يمنح هذه الأعمال قيمتها من خلال تفاعله معها.
فهل آن الأوان أن ندرك أن الدراما ليست بالضرورة انعكاساً دقيقاً للتاريخ، بل أداة لصناع المحتوى لتوجيه الرأي العام وتحقيق المكاسب المادية؟